سورة فاطر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


ثم أخبر بثوابهم فقال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} يعني: الأصناف الثلاثة، قرأ أبو عمرو {يدخلونها} بضم الياء وفتح الخاء، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} {وَقَالُوا} أي: ويقولون إذا دخلوا الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} والحزن واحد كالبخل والبخل. قال ابن عباس: حزن النار. وقال قتادة: حزن الموت. وقال مقاتل: حزنوا لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع الله بهم. وقال عكرمة: حزن الذنوب والسيئات وخوف رد الطاعات. وقال القاسم: حزن زوال النعم وتقليب القلب، وخوف العاقبة، وقيل: حزن أهوال يوم القيامة. وقال الكلبي: ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة. وقال سعيد بن جبير: هم الخبز في الدنيا. وقيل: هم المعيشة. وقال الزجاج: أذهب الله عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش أو لمعاد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الضحاك الخطيب، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفرايني، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد الترابي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم، ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن». قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}.


{الَّذِي أَحَلَّنَا} أنزلنا، {دَارَ الْمُقَامَةِ} أي: الإقامة، {مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} أي: لا يصيبنا فيها عناء ومشقة، {وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} إعياء من التعب. قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أي: لا يهلكون فيستريحوا كقوله عز وجل: {فوكزه موسى فقضى عليه} [الشعراء- 15]، أي: قتله. وقيل: لا يقضي عليهم الموت فيموتوا، كقوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك} [الزخرف- 77]، أي: ليقض علينا الموت فنستريح، {وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} من عذاب النار، {كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} كافر، قرأ أبو عمرو: {يجزي} بالياء وضمها وفتح الزاي، {كل} رفع على غير تسمية الفاعل، وقرأ الآخرون بالنون وفتحها وكسر الزاي، {كل} نصب. {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ} يستغيثون ويصيحون، {فِيهَا} وهو: يفتعلون، من الصراخ، وهو الصياح، يقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا} منها من النار، {نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} في الدنيا من الشرك والسيئات، فيقول الله لهم توبيخا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} قيل: هو البلوغ. وقال عطاء وقتادة والكلبي: ثمان عشرة سنة. وقال الحسن: أربعون سنة. وقال ابن عباس: ستون سنة، يروي ذلك عن علي، وهو العمر الذي أعذر الله تعالى إلى ابن آدم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبد السلام بن مطهر، حدثنا عمر بن علي، عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعذر الله تعالى إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة». أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا إبراهيم بن سهاويه، حدثنا الحسن بن عرفة، أخبرنا المحاربي عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك». {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم، هذا قول أكثر المفسرين. وقيل: القرآن. وقال عكرمة، وسفيان بن عيينة، ووكيع: هو الشيب. معناه أو لم نعمركم حتى شبتم. ويقال: الشيب نذير الموت. وفي الأثر: ما من شعرة تبيض إلا قالت لأختها: استعدي فقد قرب الموت.
{فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}.


{إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ} أي: يخلف بعضكم بعضا، وقيل: جعلكم أمة خلفت من قبلها. ورأت فيمن قبلها، ما ينبغي أن تعتبر به. {فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أي: عليه وبال كفره {وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا} غضبا {وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5